(7) الـمـزعـجـون

chay3.png 

(7)

المزعجون

هل يعاني أحدكم ما أعانيه مع هؤلاء؟

بمجرد ما أمسك قلمي مستعينا بالله لكتابة موضوع اليوم، يبدأ هؤلاء المزعجون بممارسة هوايتهم اليومية، ويالكثرتهم من حولي، بل يالكثرتهم في هذه الدنيا الفسيحة!

يرن الهاتف بصورة متكررة في أوقات متفرقة، الرقم مجهول، فأضطر للرد وانتظار تعريف الطرف الآخر عن نفسه، فأفاجأ بأنه يعرفني! نعم إنه يعرفني، وقد سماني باسمي الكامل، بل وزاد عليه أن حدثني عن مكان عملي، وعن وظيفتي بالتفصيل الذي لا يعرفه غيري!

بعد ذلك، يسترسل في الحديث، فأقوم بمقاطعته طالبا منه أن يعرفني بنفسه، فيقول، أنا فلان من الشركة الفلانية أود أن أعرض عليك الحصول على عضوية شركتنا وستجد بعد ذلك ما يخطر على بالك من مميزات، أحاول إنهاء المكالمة بكل الطرق، فإذا به يراوغ بكل الطرق، ويهزمني، ويظل مسترسلا في الحديث بعد وعدي أنه لن يأخذ من وقتي سوى خمس دقائق، فأجد أنه تحدث مدة عشرين دقيقة دون توقف، أي طاقة تلك التي وهبه الله إياها! وبعد كل هذا الحديث الممل، أكرر رفضي لعرض شركته المحترمة، فيسألني: ولماذا؟ فأرد عليه: لأنني لا أريد عضوية شركتكم، فيقول: حسن جدا، ولكن لماذا؟ فأقول: لأنني لا أريد، فقط، هذا هو السبب، فيقول: ولكنه عرض مغر وهو للأشخاص المميزين، ولمدة محدودة فقط، فأقول: أعرف هذا، وقد هاتفني قبلك العشرات، من عشرات الشركات وجميعهم يدعي أنني من المميزين، وأنا لست كذلك، ثم إني وبكامل قواي العقلية أقول أنني لا أريد أن أكون عضوا في شركتكم! فيقول: سأدع لك الفرصة للتفكير وأتصل لك خلال يومين، فأقول أنني لا أريد أن أسمع صوتك مرة أخرى، فيقول: آسف إن كنت قد تسببت في إزعاجك، ولكنني سأتصل مرة أخرى علك تفكر مليا، فأقول أنني سأقوم بالاتصال إن قررت الالتحاق، فيقول لي: هذا جيد، ثم يرحل ويعود غيره في اليوم التالي..

هل يحصل هذا مع غيري؟

اتصل لي مندوب من أحد الفنادق الراقية قبل فترة، وأخذ يتكلم عن فندقه وما فيه من نعيم لا يخطر على قلب بشر، ثم أردف قائلا: أستاذ عمار، هل لي أن أسألك سؤالا؟ قلت: تفضل، قال: كم مرة في الشهر تتردد على الفنادق ذات الخمس نجوم؟ قلت له: لا أتردد عليها ولا أريد أن أتردد عليها يوما، فقال: ولماذا؟ قلت: لأنني أقيم في البحرين ولا أحتاج للتردد على الفنادق مادام لي بيت يؤويني! ضحك وقال: أعني التردد للاستفادة من مميزاتها ولا أعني للإقامة فيها، قلت: إنني أجد في بيتي، بل في غرفتي الصغيرة من المميزات ما يفوق مميزات فندقك! قال: دعني أشرح لك قليلا ولمدة خمس دقائق، قلت له: دعني أنا أشرح لك ولمدة دقيقة واحدة، يا سيدي المحترم، أنت تتصل لتسوق لفندقك، وأنا، وأعوذ بالله من كلمة أنا، لست الزبون الذي تبحث عنه، فقد رفضت مثل هذا العرض عشرات المرات، ولم يفلح معي أحد من زملاء مهنتك، ثم إنني يا سيدي، لو كان عندي أموال كأموال قارون فإنني أحب أن أستمتع بها عندما أريد أن أفعل ذلك، لا عندما يعرض علي أحد ذلك، وأخيرا، فإنني وعنادا فيك وفي فندقك، وانتقاما منك بسبب الإزعاج الذي تسببت لي به، فإنني سأعمل جاهدا على تحذير كل من أعرف، من فندقكم ومن مندوبي فندقكم، هل وصلت رسالتي الآن؟

وأخيرا أنهى مكالمته قائلا: أستاذ عمار أشكرك واعذرنا جدا على الإزعاج، ثم أقفل الخط بلا عودة.

هؤلاء هم المزعجون الذين أعنيهم، هل عرفتموهم؟ وهل عرفتم الأسلوب الأمثل للتعامل معهم؟ أجارنا الله وإياكم منهم ومن إزعاجهم.

بو ياسر

17/11/2009

انشر الرابط

اترك تعليقاً

اسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني