(6) السيد المطاع

chay3.png

(6)

السيد المطاع

حديثي اليوم عن ذلك الذي يقود الناس قيادة في بعض الأحيان، بينما ينصاع لبعض الناس انصياعا تاما دون مقاومة، ذلك الذي يكون قويا أمام البعض، ذا سيطرة وسلطة، متحكم آمر ناه، له القرار الأول والأخير، بينما هو حقير مهان لا قدر له عند البعض الآخر، يأمر فيعصى، ويطلب فلا يجاب.

هو الذي إن تمكن أفسد، وإن تحكم آذى، وإن سيطر أوقع، هو الذي وجد ليكون عبدا ذليلا، ولكن البعض اتخذه إلها سيدا متبعا مطاعا، لا يجب أن يعصى، ولا يجب أن يرد له طلب، يسير البعض تسييرا ويسوقهم كما تساق البهائم أجلكم الله، اعترفوا له بالسيادة فأعلن سيادته عليهم، وأخذ يمعن في احتقارهم حتى أصبحوا في أعين الآخرين دون قدر لعبوديتهم له!

أوما عرفتموه؟ إنه “المزاج“، الابن الصغير لما يسمى “الهوى“..

في لسان العرب لابن منظور، رجل مَزَّاجٌ ومُمَزِّجٌ أي لا يثبتُ على خُلُقٍ، وأتباع المزاج كذلك، لا يثبتون على خلق، يتبعون مزاجهم أينما كانت وجهته، ويأتمرون بأمره أيا كان أمره.

هؤلاء الناس، يفسدون على غيرهم صفو العيش، ليكون متقلبا بما يتوافق مع أوامر مزاجهم، فاليوم تراه يلقي التحية، وغدا لا يلقيها،

والسبب، مزاجه!

قد يجرك في أحاديثه التافهة ذات يوم، فيثرثر دون انقطاع، وعليك أن تسمع، بينما يبخل برد السلام أو التبسم في يوم آخر، والسبب، مزاجه!

متواصل مرحاب معطاء كريم، أحيانا، وفي أحيان أخرى منطو على نفسه عبوسا ترى وجهه اجتمع في مقدمة أنفه، فلا ترى له مبسما ولا محيا، والسبب، مزاجه سيء!

نصوح واعظ طيب المعشر إن كان مزاجه طيبا، ولكنه على العكس تماما إن لم يكن مزاجه كذلك، لا يطيق أحدنا النظر إليه لحظة، فكيف بالجلوس معه ومرافقته! السبب بات معروفا، مزاجه هو الذي فعل كل ذلك.

ليس له أصحاب، ولا أقران، لأنهم عرفوا سيده، فأصبحوا يخشون سلطة سيده عليه وعليهم من بعده، وهو أيضا، لا يحب أن يكون مع الناس، لأن سيده أراد ذلك.

كثيرون من أتباع المزاج حولنا، أجارنا الله وإياكم من عبودية المزاج، وأخلص عبوديتنا له وحده جل في علاه.

 

بو ياسر

12/11/2009

انشر الرابط

اترك تعليقاً

اسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني