الجمال الناضر.. والبهاء الساحر.. كيرلا 2012

 

تقرير عن زيارتي الأخيرة إلى ولاية كيرلا الهندية خلال شهر يونيو 2012

 

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه بإحسان إلى يوم الدين

 

باسم الله تعالى وبحمده، وبصلاتنا على نبينا الكريم.. نبدأ بإذن الله تقريرنا إليكم.. عن زيارتنا السريعة والخاطفة إلى بلاد الهند، وتحديداً.. إلى ولاية “كيرلا” الساحرة..

 

 

 

هذه البلاد، حباها الله خيرات كثيرة، وثمرات وفيرة، وأمطار غزيرة

 

ثمار يانعة وخضرة

جمال ساحر ونضرة

ابتسامات وتراحيب وحبرة

 

هذه كيرلا.. أعود إليها بعد عام ونصف من زيارتي الأولى 

فما زادني ذلك بها إلا إعجابا وحباً.. وإصرارا على تقدير حسن ضيافتها بتعريف أهلي وإخواني وأحبابي بديارها وأهلها..

وعزم على العودة إليها من جديد.. في المستقبل القريب والبعيد.. 

إن كتب الله لي الحياة والعيش.. في قابل الأيام بإذنه تعالى.. 

كيرلا.. بلد طيب معطاء.. ليس كتلك القرية التي ذكرها الله في كتابه:

 

وضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ

 

ولكنها أرض الخير والشكر والحب والتسامح، يفتخر أهلها بما حباهم الله به من الخيرات، فتراهم يرددون بين الحين والآخر “نحن أهل كيرلا” إنها “خير الله”.. 

الوطن الذي أبدعه الله بنفسه لأهله وزائريه..

 

لن أدخل في التفاصيل الجغرافية للولاية، فقد سبقني في ذلك الكثير من الإخوة والأخوات الكرام في هذا المنتدى وفي غيره من المنتديات، ولكني أعددت هذه الخريطة البسيطة لتوضيح المناطق التي غالبا ما يزورها السياح في ولاية كيرلا، أو، غالبا ما يزورها الزوار العرب، ولعلنا نستكشف في السفرات القادمة باقي المناطق فنطلع إلى كنز كنا عنه في غفلة.

ولو أردنا الاطلاع على المناطق في الولاية من الجنوب وحتى الشمال:

العاصمة: ترافيندروم

كوفالام

أليبّي

تيكادي

كوماراكوم

مونّار

كوتشين

أثريبالي

 

كما نشاهد على الخريطة فإن المناطق متباعدة إلى حد ما، وحتى المتقارب منها فإنه يستغرق مدة طويلة للتنقل بسبب ضيق الشوارع والازدحام أحيانا، ولعلنا نتناول ذلك بالتفصيل لاحقا.

في ولاية كيرلا مطارات ثلاثة، الأول في العاصمة ترافيندروم، والثاني في كوتشين، والثالث في مالابورام، وقد لاحظت أن الغالبية يفضلون السفر إلى مطار “كوتشين” ولعلي أبرر ذلك بقربها من المناطق السياحية الأكثر شهرة، أما من اختاروا ترافيندروم فربما بسبب تفضيلهم للبيئة البحرية وإدراج ساحل “كوفالام” في رحلتهم.

 

 

رحلتي إلى كيرلا

بعد المقدمة السابقة، أعود الآن للحديث عن رحلتي السريعة وتنظيمها الأسرع، والوضع الذي تمت فيه هذه الرحلة..

سبق أن ذكرت للسادة القراء أنني زرت ولاية كيرلا البهية من قبل، وذلك تحديدا في أكتوبر 2010، وقد كانت رحلة رائعة استمرت 10 أيام، برفقة اثنين من الأصحاب الكرام، تم الإعداد لتلك الرحلة قبل أكثر من شهر من موعدها، ولكونها الزيارة الأولى فقد تطلب مني ذلك الكثير من البحث والقراءة والاطلاع، والمراسلات والاتصالات، حتى يسر لي الله التعرف على صديق في الهند، فرض علي أن أعتبره صديقا لطيب تعامله وصدقه في المواعيد وحرصه على تقديم الأفضل، وبالفعل تمت الرحلة على أكمل وجه، ومضت أيامها، وبقيت ذكرياتها، ومجموعة من الصور لازلت أعود إليها بعد الحين والآخر، ولم أزل منذ ذلك الحين والشوق لزيارة كيرلا من جديد أمل، يراودني دائما.

 

في وقت تراكمت في ضغوط العمل وغيرها من الضغوط، قررت في لحظة ودون تردد أن السفر في هذا الوقت أمر لابد منه، دون تحديد الوجهة، واجتمعت هذه الرغبة مع مخططات سابقة أيضاً لا يتسع المجال لذكرها هنا، بلدان كثيرة كنت أرجو السفر إليها، وبلدان كثيرة أخرى أحب السفر إليها من تجاربي السابقة، غير أن “كيرلا” كانت خياري المفضل هذه المرة، لأسباب متعددة، أهمها سهولة التنسيق، والتكلفة المناسبة، ومناسبة الوجهة للمدة القصيرة التي اخترتها للسفر.

المختلف في هذه الرحلة، أنني سأخوض تجربتها منفردا، ليس برغبتي، ولكن لأنها كانت مفاجأة لي أنا شخصيا، فكيف بها للآخرين، وبطبيعة الحال، لم أجد من يصحبني فيها، ولم يثنني ذلك عن فكرتي، وقررت خوضها بنفسي مهما كلف الأمر، إنها المرة الأولى التي أسافر فيها للسياحة وحدي، ولا أظنني أكرر التجربة، رغم أنني سعدت بها جدا.

قلبت الأوراق والصور والذكريات، وبدأت أرسم صورة جديدة لرحلتي القادمة، كيف أستطيع استغلال المدة القصيرة، للخروج منها بفائدة كبيرة، ومعلومات وفيرة؟

الصورتان من الرحلة الماضية 2010

 

اتصلت بطبيعة الحال بصاحبي في كيرلا، واقترح علي برنامجا سريعا، مناسبا لمدة رحلتي التي لا تتعدى الأيام الخمسة..

خمسة أيام! نعم خمسة أيام فقط، قررت ترتيبها كالتالي:

 

الوصول إلى مطار كوتشين يوم السبت 2 يونيو 2012 الساعة 3:30 فجرا

التوجه مباشرة إلى”أليبّي” لليلة واحدة

3 يونيو الخروج صباحا إلى مونّار والمكث فيها يومين

5 يونيو الخروج صباحاً من مونّار إلى كوتئين والمكث فيها حتى موعد السفر

7 يونيو العودة إلى البحرين، وقت الرحلة 4:20 فجراً.

 

 

 

قبل الاستمرار في سرد التقرير.. هناك بعض المعلومات التي تهم الإخوة السياح، أخص منهم العرب، وأخص أكثر من هؤلاء، الإخوة الخليجيين، ولعل أكثر المستفيدين من هذه المعلومات هم أهل البحرين، لقلة ما يسافر أبناء البحرين إلى هذه الولاية.

السفر إلى الهند

الهند، بلاد العجائب كما يسميها الرحالة القدامى، وهي حقا كذلك، والسفر إليها فيه من المتعة والفائدة ما فيه، والسفر بعمومه كذلك كما يقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

تَغَرَّبْ عَن الأَوْطَانِ في طَلَبِ الْعُلُى *** وَسَافِرْ فَفِي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوَائِدِ

تَفَرُّجُ هَمٍّ، وَاكْتِسابُ مَعِيشَةٍ *** وَعِلْمٌ، وَآدَابٌ، وَصُحْبَة مَاجِد

 

السفر إلى الهند دون غيره من الأسفار، مهما يكن جديدا علينا، فإنه سهل علينا أن نتكيف معه، لكثرة الوافدين من بلاد الهند إلى بلادنا، ولكثرة تعاملنا معهم، وبذلك فإننا نجد هناك من التعامل اليسير ما لا نجده في سائر الأقطار والأمصار.

الشعب الهندي، وخاصة شعب كيرلا، شعب طيب خلوق، بسّام هشّاش بشّاش، يلقي التحية في المعرفة وفي الجهل، مرحاب معطاء رغم الفقر، خدوم بما تحويه الكلمة من معنى، عزيزة نفسهم جداً، لا تجد متسولا إلى ما ندر، لا يرد الهدية ولا يسأل العطية.

سفري إلى كيرلا كان سببا في مراجعة نفسي حقا، والتفكير في وضع هذا الشعب هنا، في بلادنا، لا يستحق الشعب الهندي ما يلقاه في بعض بلادنا من سوء معاملة وامتهان كرامة، إنهم يكرمون زائرهم أشد الإكرام رغم الفقر والحاجة، فكيف قابلنا ذلك نحن، هنا في بلاد الكرم والعطاء والخيرات؟

 

هذه الصور من السفرة السابقة في 2010

 

 

ومضة:

في يوم غزير المطر، وقفت منتظرا دوري للدخول إلى مطار كوتشين، مغادرا ذلك البلد الطيب، وفي زحمة الناس والأحداث، لفت انتباهي مشهد وجداني لا أخالني أنساه يوما، شاب هندي وزوجته وابنتهما، يغادران كوتشين إلى دبي حيث يعمل، ووالدته العجوز، في السبعينيات من العمر، وقفت باكية تحتضنهم تارة، ثم تشيح بوجهها وتمسح دموعها، وهو يقبل رأسها مبتسما، تلوّح من بعيد، ولا تعلم نفسها ما يخبئ لها القدر، أتلقاهم من بعد الغياب؟ أم يختار الله أمرا كان مفعولا؟

هذا المشهد، يجعلنا ندرك أن الحاجة التي ألمّت بهذا الشعب حتى طاف العالم كله بحثا عن لقمة العيش، الحاجة، هي الدافع الذي تغرب بسببه هؤلاء، وإلا ما تركوا جنتهم إلى غيرها، جاؤوا إلى بلادنا للعمل بأبخس الأجور، وفي أقسى الظروف، واخترنا نحن الراحة والأعمال المريحة لتكون تنمية بلادنا على أيديهم هم، أفلا يستحقون منا طيب الكلام والشكر؟

ما أروع أن يعود ذلك الشاب إلى وطنه، فتحتضنه أمه من جديد سعيدة بعودته، فيحكي لها عن كرم أهل الخليج وطيب استقبالهم له، فترفع كفيها داعية لنا، نعم، لنا نحن، أولسنا أهل الخليج الذين فتحنا أبواب بلادنا لهم؟ فإن أكرمناهم وقدمنا لهم جزيل الشكر الذي يستحقون، فإننا نستحق عندئذ منهم الدعاء والتقدير، وأما إن كنا غير ذلك، فإن الدنيا تدور، وربما وجد المظلوم منهم يوما يتشفى فيه من ظالمه، ناهيك عن دعوة المظلوم التي لا يحبسها عن الله حجاب.

بعض الصور من هذه الرحلة حتى لا يكون السرد مملاً

 

الأكل الهندي روعة في المذاق وفن في التقديم 

 

الشاي الهندي (شاي كيرلا) سحر في حد ذاته 

 

فواكه موسمية في ميريديان كوتشين 

 

موسم المانجو، لا تحرم نفسك الاستمتاع بها 

 

 

شاي بالزعفران الكشميري 

 

 

 

معلومات مهمة

كلما أردت الحديث عن هذا الجزء المهم، أعود للسرد الممل والقصص والذكريات، لا تقلقوا، قد عزمت هذه المرة على عدم الخروج عن النص وإتمام هذه الفقرة، ثم يجعل الله لكل أمر شأنه.

يتطلب السفر إلى الهند الحصول على تأشيرة للسفر، والتأشيرة يجب إستصدارها سواء كان السفر للسياحة أو للدراسة أو للتجارة أو للعلاج، تختلف الإجراءات باختلاف هدف السفر، ولكن المهم، أن الحصول عليها أمر مهم.

بالنسبة للبحرين (وأظن الأمر في سائر دول الخليج متشابه إلى حد ما) فإن الحصول على التأشيرة سهل جداً وسريع، يبدأ ذلك بالدخول إلى موقع السفارة الهندية، ثم اتباع الخطوات لملئ الاستمارة بالمعلومات المطلوبة وبشكل دقيق حسب ورودها في جواز السفر، مهم جداً التأكد من صلاحية جواز السفر لمدة لا تقل عن ستة أشهر.

بعد الانتهاء من ملئ الاستمارة، وتحديد الهدف من السفر (سياحة) ومدة التأشيرة (ستة أشهر لثلاث زيارات، بين كل زيارة وأخرى شهران على الأقل)، يجب طباعة الاستمارة، وإرفاقها بالجواز الأصلي، وصورة منه، وصورة شخصية بخلفية بيضاء بقياس 2*2 بوصة، مع رسوم إصدار التأشيرة (24 دينار بحريني)، ثم التوجه إلى مكتب التخليص الكائن في العاصمة المنامة بجوار البناية الكويتية (أهل البحرين أدرى بشعابها).

يستغرق إصدار التأشيرة ثلاثة إلى أربعة أيام، مع مراعاة إجازة نهاية الأسبوع، من خلال الرصيد يمكن متابعة الموضوع مع المكتب، ثم استلام الجواز والتأشيرة من نفس المكتب.

لا يسمح بدخول جمهورية الهند بدون التأشيرة، وربما تعرض الفرد للمشاكل بسبب ذلك، ولذلك وجب التنبيه.

مما لا يسمح به أيضا، حمل المبالغ الكبيرة، أعتقد أن المبلغ الأقصى هو 100 ألف روبية هندية (حوالي 700 دينار بحريني)، ولذلك فإن الطريقة المثلى هي حمل مبالغ بالدولار الأمريكي، وتحويلها في الهند، وبذلك تحصل على الأسعار الأفضل أيضا.

الأمور في الهند تسير وفق نظام محدد يلتزم به الجميع، وذلك ملحوظ من اللحظة الأولى لدخول المطار، الجميع بعمل بجد وصمت، لا مجال للضحك والهزل، خاصة في المطار، لأن ذلك يعكس شخصية الأفراد ونواياهم كما يظن الموظفون، نعم ستجد الترحيب من الموظفين، ولكن لا يتوقعون من المسافرين الحديث إلا عندما يطلب منهم ذلك، لا أعلم سببا لكل هذا ولكنهم دأبوا عليه.

في الطائرة يتم توزيع استمارة الدخول، يمكنك ملؤها في الطائرة وإرفاقها بالجواز لتكون مستعدا للدخول إلى جمهورية الهند، يتم ختم الجواز والتأكد من التأشيرة، وختم الاستمارة المذكورة مؤخرا، ثم تنتهي الإجراءات باستلام الأمتعة وتسليم طرف من هذه الاستمارة للموظف عند بوابة الخروج من المطار.

بعد ذلك كله، أنتم على موعد مع الجمال الناضر والبهاء الساحر، فور الخروج من بوابة المطار، تبدأ الحياة الجديدة، حياة تختلف عن حياتنا هنا، البساطة والحياة، نبض متناغم يشبه الإيقاع، يعزف لحنه سحر الطبيعة وروعة المنظر، إنها كيرلا الساحرة، كونوا على موعد معي واصحبوني في رحلتي إليها، من خلال هذا التقرير المتواضع.

 

 

حسناء بهيّة.. اسمها: كيرلا الهندية

ولاية كيرلا، تقع في الجنوب الغربي من جمهورية الهند، مساحتها حوالى 39000 كم مربع، تطل على بحر العرب من الغرب، وعلى شواطئها تتمركز موانئ التجارة مع العرب في القرن الماضي، وغيرها من الولايات أيضا، عاصمتها ترافندروم، يغلب على شعبها طابع ثقافي مميز، يتحدث شعب كيرلا لغتهم المحلية المسماة (مالايالام)، واللغة الهندية، واللغة الإنجليزية منتشرة أيضاً بصورة كبيرة، كما أن عددا كبيرا من شعب كيرلا يتحدث العربية بحكم عمله في دول الخليج فيما مضى.

عدد سكانها 33 مليون نسمة، 40% منهم من الهندوس، والباقون من المسلمين والمسيحيين، ويلاحظ فيها التعايش بين الديانات الثلاث، بصورة لا تتوافر في سائر المناطق الهندية خصوصا، وفي العالم عموما.

تتنوع طبيعتها الجغرافية بين السواحل والجبال والبحار والبحيرات والأنهار، ومناخها يتنوع أيضا بين الأمطار والضباب والحرارة المعتدلة أحيانا، والبرودة في بعض المواسم.

المناطق والمسافات

سبق أن تحدثت حول بعد المناطق في كيرلا عن بعضها البعض، وطول الوقت في التنقل بينها، وذلك بسبب الطبيعة الجبلية لبعض المناطق، إضافة إلى ضيق الشوارع وضعف البنية التحتية لأغلبها، ولكن ذلك لا يعني السؤم الذي يسيطر على المسافر كما يحدث في بلادنا حين السفر، بل على العكس، فإن المسافر يستمتع بالطريق وروعة المناظر والتوقف أحيانا لالتقاط الصور، الخضرة محيطة بالحياة في كل أحوالها، وطول الطريق، فرصة للتسبيح والتأمل في روعة الخلق وإبداع الخالق سبحانه وتعالى.

المدن كما في الخارطة والمسافات بينها

أما الطبيعة لكل منطقة، فلعل حديث الصور أبلغ من الكلام، هذه بعض الصور من المناطق التي قمت بزيارتها في المرتين الماضيتين، وفيها معلم واحد من كل منطقة.

كوتشين

مونّار

أليبّي

أثريبالي

كوماراكوم

تيكدي

 

تأمل الجمال من حولك وردد: سبحان الله

 

من أروع ما قال أبو نواس الشاعر المعروف

تأمل في نبات الأرض وانظر *** إلى آثار ما صنع المليكُ

عيون من لجين شاخصات *** بأغصان هي الذهب السبيكُ

على قضب الزبرجد شاهدات *** بأن الله ليس له شريكُ

 

ما أكثر ما يردد المرء التسابيح كلما رأى ما يعجبه، ما أكثر ما تتسع أحداقنا إعجاباً عندما ننظر في روعة الخلق وإبداع الله سبحانه وتعالى فيما خلق، كم نحن في حاجة إلى التأمل، التأمل في إعجاز الله تعالى في كونه الفسيح، الجمال والخضرة، أصوات الطيور وتغاريد العصافير، لون السماء وزرقتها الصافية، وانعكاسها على صفحة الماء، تدفق الأنهار والجداول، هدير الشلالات، والمطر الذي يسقي الله به عباده ومخلوقاته، فيحيي به الأرض بعد موتها، كل ذلك، حري أن نستشعر معه عظمة خالقنا سبحانه فنردد: سبحان الله.

وكم لذلك من فضل وأجر، وقد امتدح الله تعالى هؤلاء القوم في محكم كتابه وامتدح عقولهم، وبيّن أنهم أهل التفكر والتأمل في خلقه فقال:

“إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ ● الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

ألا فلنجعل للتسبيح من سفرنا نصيبا، وما هو إلا ذكر باللسان، لا يأخذ منا جهداً ولا وقتاً، نبتغي به وجه الله تعالى، وما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وحبا له، وشوقاً إلى جنات النعيم والخلود في رحابها.

 

كيرلا.. وماذا بعد؟

السؤال الذي رددته كثيراً قبل سفرة إلى كيرلا أول مرة، ماذا سأفعل هناك؟ وأين سأذهب؟

والجواب، ما نحن بصدد الحديث فيه اليوم، المناطق في كيرلا، وما يمكن عمله في كل منطقة، بحسب زيارة أخيكم الفقير إلى ربه، وإلا فإن أهل الخبرة أعلم مني بذلك، وما سأذكره ليس إلا من واقع رحلتيّ إلى كيرلا لا أكثر.

 

أولاً: كوتشين

هي المنطقة التي تشكل محطة الوصول لأغلب السياح العرب، وهي مزدحمة بصورة عامة، وربما تكون ترافيندروم أقل ازدحاما منها رغم كونها عاصمة الولاية، ينزل السياح في كوتشين عادة للتسوق، وعادة ما يجعلونها محطتهم الأخيرة بحسب ما لاحظت من خلال حديثي مع أكثر من شخص من دول الخليج.

التسوق أمر جيد في كوتشين، والأسعار فيها معقولة، وتتنوع المجمعات في أسعارها وجودة بضائعها، أما الأسواق الشعبية فقد لا تروق للبعض وخاصة للعائلات، حيث يكون المستوى فيها أقل من مستوى البساطة التي يتقبلها شعب الخليج خصوصا.

في كوتشين يمكن زيارة الساحل المسمى: فورت كوتشين، وهو مكان تاريخي فيه عدد من الكنائس الأثرية ومعبد لليهود أيضاً (لا يحبذ العرب المرور بجانبه ناهيك عن زيارته) إضافة إلى نصب تذكارية متعددة هنا وهناك، كما توجد شباك الصيد الصينية على ساحل فورت كوتشين، كل هذه الأمور، يهواها الأجانب من أوروبا وأمريكا، ولم أجد من العرب من يهتم بمثل ذلك، ولكنني زرتها مؤخراً ووجدت الحياة تدب على ذلك الساحل، ولا بأس من المرور لمجرد رؤية المعالم.

 

ألبوم الصور

 

ساحل فورت كوتشين، نصب تذكاري لوصول فاسكو ديجاما إلى كوتشين، وخلف النصب شباك الصيد الصينية

 

مقبرة المستعمرين الدانماركيين

 

مجموعة من الصيادين على الساحل

 

كنيسة سان فرانسيس

 

شاي بالزعفران في ضيافة أحد المحلات

 

سجادة صلاة من الحرير الكشميري الخالص، قيمتها حوالي 320 دينار بحريني

 

خشب العود

 

على ساحل كوتشين

 

يوم ممطر في كوتشين

 

فعالية مناهضة لأبواق السيارات، وللحد من الضوضاء

 

البحيرة قرب فندق المريديان

 

فرقة من المكفوفين في فندق المريديان

 

برادة، أو بقالة، اللي تحبون تسمونها سموها 🙂

 

الميريديان

 

 

ثانياً مونّار

 

مونّار كلمة بلغة أهل كيرلا وتعني الأنهار الثلاثة، كلما سرت في ربوع مونّار تذكرت قول الله تعالى في وصف الجنة “جنات تجري من تحتها الأنهار”، لم أكن يوما أستوعب الروعة في الوصف، حتى شاهدت الجنات تجريت تحتها الأنهار، وتهطل عليها الأمطار، رأيت روعة ذلك في مونّار، كان هذا ما رأيته في جنة من جنات الدنيا، فكيف بجنة الآخرة، التي أعد الله فيها لعباده ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؟

في مونّار يكفي أن نتوقف للاستمتاع بمنظر الوديان الخضراء، تغطي أطرافها الغيوم، مزارع الشاي على مد البصر، الجو الرائق، كم هو رائع أن تحتسي كوبا من الشاي الساخن في شرفتك المطلة على تلك الجنان الخضراء في مونّار، مكان للهدوء والجمال، ولكم أن تتخيلوا ملتقى الهدوء والجمال معاً كيف يكون؟

منطقة السد في مونّار من أروع المناطق، وفيها بحيرة مونّار المعروفة والمشهورة من خلال الصور، كما لا يجب على زائر مونّار أن يفوّت على نفسه زيارة متحف صناعة الشاي، وشراء الأنواع المختلفة منه.

 

ألبوم الصور

 

الطريق إلى مونار

 

شلال على الطريق

 

مزارع الشاي والغيوم تلفّها

 

مزارع الشاي

 

المنطقة حول الفندق

 

شلال أتوكال

 

شاي بالهيل عند الشلال

 

بحيرة مونّار

 

أحد الشوارع في مونار

 

مسجد على أحد مرتفعات مونار

 

مزارع الشاي

 

استرخاء

لحظة من فضلك!

 

قبل الانتقال إلى أليبّي.. قد يتساءل البعض عن مدينة مونار، أعلني الحياة العامة على الجانب المغاير لجانب الطبيعة والخضرة، ذلك جانب لابد من تناوله أيضا، فكل مدن العالم مهما حوت من الجمال فإن فيها طرفا يحتاجه أهل المدينة لممارسة الحياة بشكلها الطبيعي، شوارع وازدحام وسيارات وغيرها، كل ذلك نجده في قلب مونّار المدينة، ولكنه منطقة صغيرة جداً يستطيع السائح التجول فيها مشيا، يعيش الحياة البسيطة مع الناس ويسير سيرهم، تجربة أخرى رائعة أحببت مشاركتكم لي فيها.

في الطريق إلى مونار، فواكه للبيع

بائعة الشاي

قد لا يشجع هذا المكان على الشراء منه، ولكني أردت تجربة شاي “الماسالا” عنده

 

ماسالا تي، شاي حليب بالزنجبيل المركّز

 

بائع الطماطم

 

بائع الخضروات

 

بائع الإليكترونيات

 

السوق

 

بائع الجباتي (نوع من الخبز الهندي)

 

سوق الشاي

 

التوك توك

 

صورة أخيرة.. الغروب في بحيرة مونّار

أليبّي..

 

كانت هذه هي زيارتي الأولى لهذه المنطقة، في المرة السابقة قمت بزيارة كوماراكوم، يقال والعهدة على القائل أن المنطقتان متشابهتان جداً في الطبيعة المناخية والجغرافية، غير أني – لسبب لا أعلمه – أحببت أليبّي أكثر من كوماراكوم، مدينة هادئة، رائعة، يزينها خور المياه في أغلب نواحيها، تستحق الزيارة، يقصدها السواح للاسترخاء والهدوء، لا يجب التفريط في زيارتها رغم قلة الفعاليات، ولكن البرنامج الأروع، الذي يستحق التجربة، هو الهاوس بوت، حسب الرغبة يمكن اختيار جولة سريعة فيه أو رحلة كاملة لمدة 24 ساعة تتضمن الوجبات الثلاث.

أليبّي هو الاسم الإنجليزي للمحافظة، اسمها الكيرلاوي هو (أليبولا)، لا يعرف اسمها الإنجليزي كل أهل كيرلا، لأن الاسم الشائع عندهم هو بالتسمية المحلية.

 

ألبوم الصور

 

بحيرة أليبي

 

صورة أخرى

 

مطعم بسيط، يقدم أفضل برياني تذوقته في حياتي، المطعم يدار بطاقم من المسلمين واسمه “هايالاس”

 

غراب

 

الهاوس بوت

 

مدخل إلى الشاليه

 

الجريدة على باب الشاليه

 

جانب من المنتجع

 

الهاوس بوت يلقي مراسيه

 

زنبقة الماء في البحيرة

 

الهاوس بوت

 

صورة أخرى

 

زاوية من البحيرة

 

 

الختام

 

بفضل الله تعالى.. تمّ هذا التقرير المتواضع

أرجو أن أكون قد وفقت في الطرح والسرد

أعتذر عن التفاصيل غير المكتملة أحيانا.. وذلك لضيق الوقت

سأكون سعيداً جداً لو وجد كل منكم شيئا مما يبحث عنه بين أسطر هذا التقرير، راجيا المولى القدير أن يتقبل الجهد، ويرزقنا جنته الفسيحة، التي نشتاق إليها كلما شدنا عظيم إبداعه في الشرق والغرب..

 

أكرر شكري لكم جميعا على المتابعة.. ولا تنسوني من صالح دعائكم

 

 

 

اخوكم

17 يونيو 2012

انشر الرابط

تعليقات

  1. حمد نجم 1 يوليو 2012 at 2:08 م

    أمتعتنا (( كما هي عادتك )) بهالتقرير المتميز يا بوياسر
    سبحان الله !! كنت أسمع عن الطبيعة اللي موجودة في الهند وعن مزارع الشاي، بس الواحد مايتصور إنها تكون بهالسحر والجمال.
    مثل ما يقولون بالعامي (( يا هنيالك )) على هالخمسة أيام في (( خير الله )).
    فعلا ً مكان الواحد يسترخي فيه ويخرج عن هموم الدنيا كلها، بالتفكر في بديع صنع الخالق سبحانه.
    ننتظر جديدك يالغالي

  2. الدهمشششششش 25 يوليو 2012 at 10:41 ص

    اخي اريد ان اسألك هل تصلح للعوايل يعني انا بروح ومرتي معي بس وتخبر انت عاد امور العايله المحافظه كيف وضعهم

  3. ابوياقوت 12 أغسطس 2012 at 5:47 ص

    ماشااااااااااااء الله تابعت صور كثيره لكيرلا لكن لم اعجب الا به\ه الصور…
    نوع الكامير والعدسه لاهنت.

  4. ● بو ياسر ● 13 أغسطس 2012 at 10:53 ص

    الأخ أبو ياقوت، أغلب الصور بكاميرا الهاتف iPhone 4s
    والبعض الآخر باستخدام الكاميرا canon 50D
    العدسة المستخدمة Canon 15-85 mm

    شكرا لمرورك الكريم أخي

  5. z7mt7ky1@ 4 نوفمبر 2012 at 3:55 ص

    لقطات رائعةة وجميلةة
    فالبدايةة : كم التكلفةة للشخص لفترة 14 يوم
    * سكن 3 نجوم ولا يهم الماركات وما الى ذلك
    ما نوع الكاميرا فـ بصراحةة ابداع فـ التصوير ما شاء الله
    شكراً لك

  6. ● بو ياسر ● 4 نوفمبر 2012 at 3:10 م

    أعتذر منكم إخواني وأخواتي فقد واجهت المدونة خللا طوال الفترة الماضية ولم يتم إصلاحه إلا قبل أسبوع.

    أخي z7mt7ky1@
    إذا كانت السفرة لشخصين لمدة 14 يوم كما ذكرت أنت، لن تتجاوز التكلفة للشخص الواحد 800 دينار بحريني على أقصى تقدير، تشمل تذكرة السفر من دول الخليج بسعر لا يتجاوز 200 دينار للتذكرة والله أعلم.

    الكاميرا في أغلب الصور كاميرا الجوال، آيفون 4s
    بعض الصور كانت باستخدام الكاميرا الاحترافية كانون 50D

  7. z7mt7ky1@ 18 نوفمبر 2012 at 6:39 م

    الله يعطيك الف عافيه ي الغالي
    ولنا زياره بإذن الله لكيرلا

  8. محمد باناجة الحضرمي 7 سبتمبر 2013 at 2:09 م

    يسلموا يا بو ياسر
    انا سويت كوبي بيست لجدول رحلتك
    وانشالله مسافر تاريخ ٢٦/٩/٢٠١٣
    وجزاك الله كل الخير

  9. ● بو ياسر ● 22 أكتوبر 2013 at 8:59 ص

    أخي محمد الحضرمي، حياك الله وبياك، أرجو أن تكون قد استفدت من جدول رحلتي لرحلتك، أنا أيضا كنت في كيرلا طوال إجازة عيد الأضحى المنصرم، وكانت رائعة بحق زرت فيها محطات ومناطق جديدة، أشكرك على طيب مرورك.

  10. محمد الكمالي 29 أبريل 2014 at 1:36 م

    أخي الكريم لقد بزيارة هذه المنطقة عيد الأضحى 2013 ونفس الأماكن التي زرتها وكنت بصحبة زوجتي وابني الصغير ولقد استمتعنا كثيرا وأعتقد أنها ممتعة برفقة العائلة وليس هناك عائق يمنع ذلك

    تعليق “بوياسر”: أخي الكريم محمد، شرفتنا بزيارتك للمدونة، وجزاك الله خيرا على إضافتك، لئن كنت قد زرتها وجربت، فالمجرب أوثق في شهادته من غير المجرب، سنقوم بتكرار التجربة إذن وسنوافيكم بالتقرير.. حياك الله سيدي 🙂

اترك تعليقاً

اسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني